في أوائل شهر فبراير، سيجتمع خبراء الصحة من الإمارات العربية المتحدة و33 دولة أخرى في الدورة 146 للمجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية. يُشكّل هؤلاء المندوبون هيئة اتخاذ القرارات الرئيسية التي تُوجّه منظمة الصحة العالمية بشأن الصحة العالمية، وتتناول مواضيع متنوعة تتراوح من اللقاحات وسلامة الأغذية إلى تغذية الأم، والجنين، والأطفال. ونظرًا لريادة دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال الصحة والتنمية العالمية، فإن لها تأثير كبير على المجلس التنفيذي. والدول الأخرى تستمع بعناية لآرائها.
سيقوم المجلس التنفيذي هذا العام بمراجعة الإستراتيجية وخطة العمل العالميّتيْن بشأن الصحة العامة، والابتكار، والملكية الفكرية (GSPOA) التابعتيْن لمنظمة الصحة العالمية. إن الإستراتيجية وخطة العمل العالميّتيْن بشأن الصحة العامة، والابتكار، والملكية الفكرية، والتي تم التفاوض بشأنها لسنوات عديدة وتمت الموافقة عليها بتوافق الآراء في عام 2008، هي إطار لمساعدة الدول على إرساء سياسات لدفع اكتشاف علاجات وأدوية جديدة للأمراض التي تؤثر بشكل غير متناسب على الدول النامية. ومن الأهمية بمكان توضيح أن الإستراتيجية وخطة العمل العالميّتيْن بشأن الصحة العامة، والابتكار، والملكية الفكرية قد أدركتْ أهمية حماية الملكية الفكرية باعتبارها "حافزًا مهمًا في تطوير منتجات الرعاية الصحية".
للأسف، كانت هناك جهود لإعادة تركيز الإستراتيجية وخطة العمل العالميّتيْن بشأن الصحة العامة، والابتكار، والملكية الفكرية على القضايا التي قد تضُر بالابتكار، سواء بالنسبة للدول المتقدمة أو النامية. بدلاً من تعزيز حماية الملكية الفكرية التي تدعم الابتكار في مجال الرعاية الصحية، حثّتْ بعض المجموعات الحكومات على إضعافها، على سبيل المثال، عن طريق كسر براءات الاختراع الخاصة بالاختراعات الجديدة - وهو إجراء صارم يُعرف باسم الترخيص الإجباري. لكن الدراسات لا تزال تدحض الفكرة الخاطئة القائلة بأن حماية الملكية الفكرية تمنع المرضى من الوصول إلى التقنيات الجديدة وتُشير إلى العديد من الحواجز الأخرى التي تقف عائقًا
يُمثّل اجتماع المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية في فبراير 2020 فرصة ممتازة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتأكيد على قيمة الابتكار والملكية الفكرية على الصعيد العالمي - والمساعدة في إيجاد حلول حقيقية للتحديات المُلحّة التي تواجه قطاع الصحة العالمية.
على الرغم من الحداثة النسبية لانضمام دولة الإمارات العربية المتحدة للمجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، فإنها تُقدّر منذ فترة طويلة قيمة الملكية الفكرية كما تُشير السياسات والخطط الرئيسية:
- في خطتها الاقتصادية لعام 2030، أكّدتْ إمارة أبو ظبي عاصمة دولة الإمارات "إن إنفاذ حقوق الملكية الفكرية يُمثّل أيضًا اعتبارًا مهمًا للحكومة، لا سيما أنها تسعى إلى تأدية دور في الاقتصاد أكثر ارتباطًا بالشأن العالمي. تحتل أبو ظبي مرتبة ضمن البلدان الأربعة الأوائل عالميًا، كما تحتل مكانة متقدمة بين الدول الأخرى في المنطقة في ضمان حماية براءات الاختراع والمعلومات الفكرية".
- في الإستراتيجية الوطنية للابتكار في البلاد، والتي صدرتْ في عام 2014، تعمل الإمارات العربية المتحدة على إرساء إطار تنظيمي للابتكار يتضمن "إجراءات تسجيل براءات اختراع تتسم بالكفاءة والفعالية، مع زيادة الوعي بأهمية حقوق الملكية الفكرية وأفضل الطرق لحماية تلك الحقوق".
- مع استثمار حكومي سنوي يصل إلى 3.8 مليارات دولار في مجال الابتكار، فإن البلاد تُمهّد الطريق للمبتكرين في المستقبل - على سبيل المثال، إجراء إصلاحات تعليمية على مستوى المنظومة تعطي الأولوية لمناهج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) والبحث والتطوير.
تتميز دولة الإمارات العربية المتحدة بالتزامها بالابتكار، واحتلتْ المرتبة 36 في تصنيفات مؤشر الابتكار العالمي لعام 2019، وتُعد من بين أفضل الأسواق في المنطقة. وتشهد المكاسب في قطاعات الابتكار الرئيسية مثل منتجات وخدمات الرعاية الصحية. استثمرتْ الإمارات العربية المتحدة في كل شيء من مرافق الرعاية الصحية ذات المستوى العالمي إلى التصنيع، خصوصًا بالنسبة للمستحضرات الصيدلانية الحيوية على سبيل المثال، لتنمية السوق من 2.4 مليار دولار في عام 2015 إلى 3.1 مليارات دولار في عام 2018، وفقًا لبيانات هيئة الجمارك الفيدرالية في الإمارات العربية المتحدة.
يُمثّل اجتماع المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية في فبراير 2020 فرصة ممتازة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتأكيد على قيمة الابتكار والملكية الفكرية على الصعيد العالمي - والمساعدة في إيجاد حلول حقيقية للتحديات المُلحّة التي تواجه قطاع الصحة العالمية.
على سبيل المثال، يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة المساعدة في إجراء حوار جاد حول استخدام الحوافز بشكل أفضل، بما في ذلك الملكية الفكرية، لتحفيز المزيد من البحث والتطوير في مجال الأمراض المتفشية في الدول النامية. يمكن دولة الإمارات العربية المتحدة أيضًا أن تؤكد على حاجة الدول، على جميع مستويات التنمية، إلى توفير أنظمة رعاية صحية قوية تُتيح الوصول الشامل إلى الأدوية المأمونة وذات الأسعار المعقولة.