مرض شلل الأطفال والآثار الصحية لتغير المناخ.
ولكن ربما يكون الموضوع الأهم على رأس جدول أعمال المجلس التنفيذي هو خارطة الطريق المقترحة من منظمة الصحة العالمية بشأن الوصول إلى الأدوية. وتحدد خارطة الطريق هذه أولويات السنوات الخمس القادمة من عمل منظمة الصحة العالمية فيما يتعلق بالأدوية في جميع أنحاء العالم. وبصفة الجزائر عضوًا في المجلس التنفيذي، سوف تساعد في توجيه النقاش حول المنهجية التي ينبغي لمنظمة الصحة العالمية اتباعها في هذه القضية.
ولكن، لسوء الحظ، تواجه خارطة الطريق التي وضعتها منظمة الصحة العالمية واقترحتها الأمانة العامة للمنظمة مشكلات خطيرة تحتاج من الدول الأعضاء لإصلاحها. فعلى سبيل المثال، تتبنى منظمة الصحة العالمية في خارطة الطريق دورًا موسعًا لنصح الدول بشأن الملكية الفكرية، على سبيل المثال، استخدام "التراخيص الإلزامية" (التي يطلق عليها أحيانًا "جوانب المرونة في الاتفاقية المتعلقة بجوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة") للسماح بتصنيع الأدوية المحمية ببراءة بدون موافقة مالكي البراءة. وهذه الخطوة غير ضرورية ومن شأنها أن تلحق ضررًا كبيرًا بالابتكار العالمي - إذ ستجعل من الصعب على المرضى الوصول إلى الأدوية في الوقت الحالي وتقوض الاستثمار في العلاجات والأدوية الجديدة في المستقبل.
وتعكس خارطة الطريق توجه منظمة الصحة العالمية إلى اعتبار براءات الاختراع بمثابة عائق أمام الوصول إلى الأدوية. ولكن هذا غير صحيح: فلم تظهر الأبحاث وجود أي علاقة بين الملكية الفكرية والوصول إلى الأدوية. بل إن جميع الأدوية التي تعتبرها منظمة الصحة العالمية "ضرورية" غير خاضعة بالفعل لبراءات الاختراع، ولكنها مع ذلك لا تزال بعيدة عن متناول الملايين بسبب عوامل أخرى، مثل ضعف أنظمة الرعاية الصحية الضعيفة ونقص التمويل. ويمكن لتقوية الملكية الفكرية أن يسهل الوصول إلى الأدوية، سواءٌ من خلال تحفيز الاكتشافات الجديدة وتسهيل وصول الأدوية المبتكرة إلى المرضى الذين يحتاجون إليها.
كما أن وضع منظمة الصحة العالمية غير ملائم لتقديم هذه التوصيات: فهي تفتقر إلى الخبرة اللازمة لتقديم المشورة إلى الدول بشأن الآثار التقنية والاقتصادية والتجارية المعقدة المترتبة على حماية الملكية الفكرية. وقد أعربت العديد من الدول بالفعل عن مخاوفها من أنه لا ينبغي لمنظمة الصحة العالمية أن تنفق مواردها المحدودة على مثل هذه المهام الاستقطابية التي من غير المرجح أن تفيد في تحسين الوصول إلى الأدوية.
ينبغي للدول الأعضاء في المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية أن يبذلوا جهدهم - والإفصاح عن رأيهم - لتأكيد الدور الحيوي للملكية الفكرية في تحفيز الاكتشافات الجديدة. في الماضي، كانت الجزائر تلقي باللوم على الملكية الفكرية بصفتها حاجزًا يعيق الوصول إلى الأدوية، على الرغم من الأبحاث التي تؤكد خلاف ذلك؛ وكانت تدعو بنشاط إلى تجاهل حماية الملكية الفكرية كمحاولة مضللة لدعم الوصول إلى الأدوية.
وقد انعكس هذا الضعف في دعم الملكية الفكرية في تراجع سجل الابتكارات التي شهدتها الجزائر. فعلى سبيل المثال، وفقًا لمؤشر الابتكار العالمي لعام 2018 للمنظمة العالمية للملكية الفكرية، تأتي الجزائر في النصف الأخير في ترتيب الدول حيث تحتل المرتبة 110، بالنظر إلى أن استثمارات البلاد في الابتكار أقل من التوقعات بالنسبة لحجم اقتصادها. كما انخفضت طلبات براءات الاختراع بشكل ثابت منذ عام 2011، من 905 طلب براءة اختراع إلى 683 في عام 2016، وتلك هي أحدث أرقام متاحة.
وعلى الرغم من أن تصريحات الجزائر في الاجتماعات الدولية الأخيرة ترجِّح أنها تقدِّر الابتكار، إلا أنها في نهاية المطاف تدعو إلى اتخاذ إجراءات من شأنها تقويضه. وبدلاً من التركيز على الحواجز المعقدة التي تعيق الوصول إلى الأدوية، تلقي التصريحات الجزائرية في العادة باللوم على الملكية الفكرية - التي تعد المكون الأساسي للاقتصاد القائم على المعرفة الذي تسعى الجزائر لتحقيقه - باعتبارها حاجزًا أساسيًا يحول بين المرضى وبين حصولهم على العلاج الذي يحتاجون إليه. وقد ظهرت هذه الرسائل المختلطة في الاجتماعات الأخيرة التي ضمت أطرافًا متعددة:
- في اجتماعات الدورة الثامنة والخمسين لجمعيات الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» والتي عقدت في جنيف في الخريف الماضي، أشارت الجزائر إلى أنها "تضع تنمية الملكية الفكرية ضمن أولوياتها الوطنية ... وتعتبر الملكية الفكرية أداة أساسية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في عالم يزداد عولمة ويصبح فيه الاقتصاد القائم على المعرفة مصدرًا للتقدم والازدهار".
- غير أن هذه الروح تتناقض مع التعليقات التي قدمت في اجتماعات جمعية الصحة العالمية لعام 2018، حيث دعا الوفد الجزائري بوضوح إلى إضعاف حماية الملكية الفكرية من أجل الصحة والابتكار الطبي، مشيرًا إلى الرغبة في "استكشاف أفضل طريقة لضمان تنفيذ جوانب المرونة في الاتفاقية المتعلقة بجوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة لنقل التكنولوجيا في مجال الصحة".
وقد أدت تصريحات الجزائر المتناقضة — حيث تقول إنها تعطي الأولوية لتطوير الملكية الفكرية بينما تطالب في الوقت نفسه بالترخيص الإجباري — إلى تقويض سمعتها على الساحة العالمية. وبدلاً من اتخاذ مواقف مؤيدة للابتكار على الدوام، أرسلت الجزائر إشارات متضاربة لها تبعات على الصحة العالمية وعلى مجالات الابتكار المحلية. في الوقت الذي ينظر فيه المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية في كيفية تحسين الوصول إلى الأدوية، تحظى للجزائر بفرصة لاتخاذ موقف مؤيد للابتكار وصحة المريض من خلال الاستثمار في المبتكرين في الداخل ودعمهم، فضلاً عن الترويج بشكل علني لنظم الملكية الفكرية التي تساعد في تمكين الابتكارات، مثل العلاجات والأدوية الجديدة. وبشكل خاص، يجب على الجزائر أن تفصح عن رأيها بوضوح في اجتماع المجلس التنفيذي وتعرب عن المخاوف المتعلقة بخارطة الطريق وضمان ألا تؤدي إلى توسيع أنشطة منظمة الصحة العالمية التي قد تقوض الملكية الفكرية على مستوى العالم.
حان الآن وقت العمل. يعتمد المرضى في جميع أنحاء العالم على الجزائر وعلى الدول الأخرى الأعضاء في المجلس التنفيذي لبذل أقصى جهد للتوصل إلى حلول استباقية وشاملة لمعالجة العقبات الحقيقية والمعقدة لتحسين الصحة العالمية.